ليست الأحلام الكبيرة، ولا المستقبل المشرق ولا الآمال العظيمة ولا السعادة الموعودة التي تدفع شخص مثلي على مواصلة الحياة. لكن عندما تنبت شجرة بين رخام الدرج أو تتسلق الحائط. و تتدرّج ألوان الغيم صباحًا من القرمزي إلى البرتقالي و الوردي و الأبيض وانعكاسها على زجاج النوافذ . حينما ينزل المطر ويضرب الزجاج برقّة وبعنف ويربت على الاكتاف الحزينة . وكلما ألمح الانعكاس الذهبيّ للشمس على ازفلت الشوارع ماقبل الغروب. والظلال الناعمة للأشياء صباحًا . كأنما تقول الحياة: أحبيني، أحبيني لأنني في كل مرة سوف أمنحك أسبابًا جديدة لتحبيني . حينما تندفع قطتي المفضلة وتعبث حولي كلما فتحت الباب. رغم إنها ميتة الآن، مما يعني أنني فقدت أحد الأسباب.
وفي كل مرة أدرك أنني لازلت أملك القدرة على الاندهاش، ويقفز قلبي كلما لامس أشياء جميلة في كينونتها . وأن الطفلة التي بداخلي مازالت تطلّ برأسها لرؤية العالم ، ثم أصرف عينيها عن التفاهات البشريّة، إلى ماهو أعمق وأبعد وأرقّ . أحيانًا أقول لقد عشت بما يكفي، وأن عبء الوجود أثقل من الاحتمال. وأن روحي هرمت قبل أن تتفتّح حتى. لكنني أحاول أن أغرس نجمة في ظلمة روحي وإن بدت صغيرة جدًا وخافتة وخائفة. لكن بوسعها جعلي آلف هذه الظلمة .
إنها شؤون صغيرة في الغالب، مايبثّ الحياة . الشيء الوحيد الحقيقيّ بالنسبة إلي، والذي بوسعي التمسّك به . ماعدا ذلك من تطلّعات، ماعدا ذلك من آمال خائبة.
21/12/2016
11:42 AM